مؤسسات التمويل الأصغر في دائرة الضوء ومقترح لإحداث صندوق وطني لتمويلها
- 2024-11-25
أوكسجين سورية- محمود ديبو
ما الذي تحتاجه اليوم المشروعات متناهية الصغر والصغيرة حتى تنهض وتنمو وتستمر، هل هي بحاجة إلى التمويل، أم إلى تسهيلات في التراخيص والضرائب والرسوم، أم تحتاج إلى التسويق والترويج أم إلى توجهات أخرى؟.
سلسلة طويلة من الأسئلة تصب في مصلحة هذه المشروعات، وإذا ما بدأنا بالحديث عن حاجتها إلى التمويل، فما شكل التمويل الذي يناسب مثل هذه المشروعات وقيمته ونوعه، وهل استطاعت مؤسسات التمويل الأصغر التي أحدثت لهذه الغاية أن تؤدي مهمتها في هذا الجانب وتعطي الدعم المنشود لتلك المشروعات عبر قروضها..؟؟
ويبقى السؤال الذي يشغل تفكير البعض من المعنيين بهذا الشأن، وحتى أصحاب تلك المشروعات، أين تكمن الفائدة في إخراج تلك المشروعات من (الظل) بوصفها تمثل (اقتصاد الظل) حالياً، وجعلها تعمل في الضوء وتحت رقابة وإشراف هذه الجهة وتبقى مدينة لمصارف التمويل الأصغر بعد حصولها على القروض المخصصة لها؟.
مثل هذه الأسئلة كانت محور نقاش موسع وعميق تشارك فيه أصحاب العلاقة من عدة وزارات وهيئات تحت رعاية الحكومة، عرض فيه الجميع ما يؤدى من أعمال وخطوات عملية في هذا الاتجاه مع وصف يقارب واقع حال تلك المشاريع وآليات تمويلها والعقبات والصعوبات التي تواجه ذلك ومقترحات الحل لتجاوز تلك الصعوبات.
أقل من الطموح
ولعل أبرز ما كشفت عنه ورشة واقع سوق تمويل المشاريع الصغيرة ومتناهية الصغر، حالة من عدم الرضا لدى الجميع عن مستوى الأداء بالنظر إلى حجم الطموح الذي يتطلع إليه الجميع للنهوض بتلك المشروعات والتوسع بها أفقياً وعمودياً، فالممولون أو مصارف التمويل الأصغر لديهم ما يشغل بالهم في هذا الإطار تتلخص في جملة من التحديات منها ما هو مرتبط بالمشروعات نفسها ومنها ما هو مرتبط ببنية العمل المصرفي وخاصة التمويل الأصغر، فالكثير من المشروعات متناهية الصغر ليس لديها تراخيص إدارية ولا سجل تجاري ولا أي وثيقة رسمية لدى الجهات المعنية.
كما أن توزعها الجغرافي على امتداد مساحة القطر وتركز الكثير منها في الأرياف والمدن البعيدة الأمر الذي يحول دون حصولها على التمويل بالنظر إلى عدم وجود فروع أو مكاتب لمصارف التمويل الأصغر في تلك المناطق والأرياف، وكذلك عدم قدرة أصحاب المشروعات على تحمل تكاليف الانتقال والسفر للوصول إلى تلك المصارف أو أحد فروعها.
صعوبات تواجه مصارف التمويل الأصغر
بالمقابل فإن تلك المصارف تواجه مشكلة شح السيولة وارتفاع تكلفة الأموال المستخدمة في التمويل وارتفاع التكاليف التشغيلية لافتتاح مكاتب وفروع لها، وعدم ملاءمة بعض قرارات المركزي لواقع عملها ومنها على سبيل المثال قرار مجلس النقد والتسليف رقم 57 لعام 2022 بحيث يتم تمديد المدد في تصنيف العملاء ضمن المراحل الأولى والثانية وفقاً لتواريخ التوقف عن الدفع والمحددة بقرار مجلس النقد والتسليف المذكور لتصبح من (0- 15) يوم تأخير المرحلة الأولى ومن (15- 30) يوم تأخير المرحلة الثانية.
كذلك تبين من خلال الورشة أن هناك حالة من عدم الثقة لدى أصحاب رؤوس الأموال والشركات في إيداع أموالهم في مصارف التمويل الأصغر، وكذلك عدم وجود خدمات مصرفية تجارية في تلك المصارف لاستقطاب هذه الشريحة من أصحاب رؤوس الأموال أي استقطاب سيولة إضافية، إلى جانب ارتفاع سعر الفائدة، مع الإشارة إلى ندرة الخبرات المصرفية المتخصصة في مجال خدمات الإقراض الأصغر على اعتبار أنه منتج جديد في السوق المصرفية السورية، كذلك عدم كفاية الأموال (السيولة) المتاحة للإقراض في المصارف العامة التي دخلت مجال التمويل الأصغر وارتفاع درجة مخاطر هذه القروض وعدم وجود قاعدة بيانات عن هذه المشروعات وعدم وجود هيئة معنية بتصنيفها، وتخفيض تمويل تلك المشروعات بسبب بعض الضوابط المصرفية.
مقترحات للحل
وحول كل هذا تم عرض جملة من المقترحات والتوصيات من أصحاب الشأن من المصارف المتخصصة بالتمويل الأصغر، ومنها ضرورة إنشاء بنية قانونية وتنظيمية متخصصة بهذا النوع من التمويل وتوفير إحصاءات عن هذه المشاريع.
التوسع بانتشار المصارف
ودعا الرئيس التنفيذي لمصرف الوطنية للتمويل الأصغر حازم الدويري إلى إعطاء المرونة لتلك المصارف، لتحقيق انتشار أوسع عبر مروجين يتواجدون في المناطق البعيدة أو لدى المخاتير لتحقيق التواصل بين المستهدفين من تلك القروض وبين المصارف.
منصة وطنية
المدير التنفيذي لبنك بيمو السعودي الفرنسي للتمويل الأصغر منير هارون اقترح إطلاق صندوق وطني لتمويل مصارف التمويل الأصغر نظراً لشح السيولة، وكذلك إطلاق منصة وطنية للمشاريع متناهية الصغر تهدف إلى التشبيك الصحيح بين أصحاب المشاريع ومصارف قطاع التمويل الأصغر، ومنح أصحاب المشاريع الحاصلين على موافقة تمويل من أي مصرف من مصارف القطاع ترخيصاً مؤقتاً لمدة خمس سنوات (سجل صناعي، تجاري، حرفي، زراعي)، وتسهيل حصول أصحاب المشاريع على ضمانة مؤسسة ضمان مخاطر القرض.