ثقافة وفن

كأس الوداع... د. نوفل نيوف

  • 2022-09-19

يُغمِض الليل عينيه. لا يذهب إلى النوم. أمُّه تهدِّد به الشمس. أنفاس البحر هادئة إلى حين. بعد قليلٍ يجزُّ أحلامَه عراةٌ بالسكاكين. تستيقظ البسمة من الحلم. تجيل النظر حولها وتنطفئ: أنياب حادّة وهيئات بشر. لا يصمت المذياع في التنّور. أكبر الأبواب يتَّسع لرأسين منتوفين. ـ في بيت جارتكِ الأرملة، هاجر... لم أكن أعرف اسمها من قبل. يستقبلني الزوج قبل الظُّهر بجيوبٍ أُغلِقت على الحفاوة بإحكام. أعقد لساني ويدَيَّ وأُنصت. كتلةٌ كبيرة رجراجة تموء بفصاحة نائية. فوقها كتلة صغيرة متهدِّلة من زُحل. بقعة سوداء على جبين لا يبيَضّ. صوتٌ لا يكلّ. تتدحرج الجارة الأرملة بتثاقلِ بطّةٍ بيّاضةٍ زاهية. تضع صينيّة القهوة والحَلوى. ترحِّب. تنسحب بهدوء. يخترق طَرَشي صوتُ الكتلة الصغيرة: ـ هذه المرأة مطبخٌ شهيّ! يُدوِّي رعد المرأة بخفَّين. تعلو الكتلة الكبيرة وتنخفض. تطلق الكتلة الصغيرة رصاصة إنذار واحدة: ـ أرملتي، لا تشعلي النار! بهدوء اليائسين أَدخلُ ماسورة الإطفاء مودِّعاً. أنسحب شعرةً تتلوّى خارج العجين. لا تعضّ البطة بنابَيها المصطكّين. جارتي، هاجر الضبّ. لا تنكر عليّ شيئاً، كما تقول. تضغط على قميصي بقوّة. لكيلا تمسّ بيديها جسدي الحرام. تسرد بلهفةِ مَن يصدِّق نفسه، واللهُ أعلم. أنقلب مخنوقاً تحت ثقلٍ هشٍّ، لذيذ. أتنفس بصعوبة. أنصِت: - أعرف قليلين جداً يحبّون الرّكَب ويتغزلون بها. أكثرهم رُكب المشايخ والمسؤولين. القليل منهم تجنّنه رُكبة المرأة. واحد من قليلِ هذا القليلِ شاعرٌ. يفسَخ رُكب أربع نسوان: واحدة ذابلة في قنّ الدجاج. ثانية لحيمة. شهّاقة. على حافة السطح قبل الفجر. عاملةٌ في إدارة مدرسة بالقرب من الحمّامات. ورابعة يقول إنه لم يكن يعرف إلا بعد الفوات أنها بعمر أمِّه... أربع نسوان قبل أن يركع عند ركبتَيّ ويلهَطَ كلَّ ما يصبّه عليهما من دبس الرمّان المخصص للمناسبات. 

مشاركة :
طباعة

أُترك تعليقك