أكد وزير الخارجية والمغتربين الدكتور فيصل المقداد أن دعم الولايات المتحدة غير المحدود للاحتلال الإسرائيلي، وإفشالها كل محاولات مجلس الأمن الدولي لوقف عدوانه المتواصل على الشعب الفلسطيني في قطاع غزة يثبتان مجدداً شراكتها في ارتكاب هذه الجرائم، معرباً عن الأسف لأن أرواح الأبرياء الذين يقضون يومياً بالمئات لم تحرك ضمائر الدول الداعمة للكيان والمتواطئة معه حيال جرائم الإبادة الجماعية التي يرتكبها.
وأشار المقداد في بيان اليوم خلال اجتماع مجلس جامعة الدول العربية على المستوى الوزاري في القاهرة، ضمن الدورة العادية الـ 161 إلى أنه من المحزن والمؤسف استمرار القتل والإجرام الهمجي لآلة حرب الاحتلال الإسرائيلي منذ خمسة أشهر، وإمعان الكيان في ارتكاب المجازر والانتهاكات الجسيمة والممنهجة لقواعد القانون الدولي والقانون الدولي الإنساني، مؤكداً أنه من العار أن نرى تعامل المجتمع الدولي مع العدوان الإسرائيلي الغاشم على أهلنا في قطاع غزة من منظور أرقام تتزايد وتتزايد لتتخطى حدوداً لم يكن أحد يتخيلها، ومع ذلك بقي التعامل معها كأرقام.
وقال المقداد: لا عدد أيام العدوان التي بلغت 152 يوماً، ولا عدد الضحايا من شهداء وجرحى الذي أصبح عشرات الآلاف، ولا كم القنابل والمتفجرات المستخدمة في العدوان، التي بلغت آلاف الأطنان، حركت ضمائر الدول الداعمة للكيان الصهيوني والمتواطئة مع جرائمه وعلى رأسها الولايات المتحدة الأمريكية.
وأضاف المقداد: مع يقيننا بدعم واشنطن غير المحدود لربيبتها “إسرائيل”، وأنها لن تسمح أبداً بصدور أي قرار دولي يعطل العدوان الإسرائيلي الوحشي، إلا أن “الفيتو” المستخدم ضد مشروع القرار العربي الأخير الذي تقدم به أشقاؤنا في الجزائر أمام مجلس الأمن نيابة عن المجموعة العربية، والذي كان يمثل الحد الأدنى المقبول لوقف إطلاق النار وإنهاء العدوان، وإفشالها مشروع بيان رئاسي بشأن مجزرة شارع الرشيد التي راح ضحيتها نحو 1000 فلسطيني بين شهيد وجريح كانوا ينتظرون الحصول على مساعدات إنسانية، والتي تشكل جريمة حرب موصوفة، هما خير دليل على شراكة الولايات المتحدة وتغطيتها لانتهاكات “إسرائيل” لقواعد القانون الدولي، وتكريس لعدم احترامها وحلفائها الغربيين أرواح الأبرياء الذين يقضون بالمئات يومياً في فلسطين المحتلة، حيث بتنا لا نستطيع وصف السياسات الأمريكية بالمعايير المزدوجة، بل هي تأكيد على وجود معيار واحد يتلخص في دعم كيان الاحتلال المطلق، وإطلاق يده في استهداف المدنيين والأبرياء.
ولفت وزير الخارجية والمغتربين إلى أن جنون حكومة الكيان الصهيوني وعدوانها وجرائمها لم تقتصر على قطاع غزة الجريح فحسب، بل امتدت الاعتداءات اليومية إلى الضفة الغربية، والأراضي السورية، ولبنان الشقيق، ولم يسلم المدنيون ولا البنى التحتية من هذه الاعتداءات السافرة، التي تحاول حكومة الاحتلال المجرم من خلالها الهروب إلى الأمام، من خلال زيادة التصعيد في المنطقة، وهو ما بات يهدد بشكل حقيقي السلم والأمن الدوليين.
وأوضح المقداد أنه رغم المشهد المأساوي الذي نعيشه، إلا أن هناك نقاطاً مضيئةً تتمثل في رؤيتنا لدعم الشعوب الحرة ومعظم دول العالم لقضيتنا الفلسطينية العادلة، ونخص بالذكر هنا مواقف جنوب إفريقيا والبرازيل وفنزويلا وبوليفيا وغيرها من الدول، ولا يفوتنا تقديم الشكر العميق للأصدقاء في روسيا والصين على مواقفهم الثابتة والداعمة لحقوق الشعب الفلسطيني المشروعة، وتأييدهم الدائم لجميع القضايا العربية المحقة، وخاصة إنهاء الاحتلال الإسرائيلي لجميع الأراضي العربية المحتلة، بما فيها الجولان السوري المحتل، وتطبيق قرارات الأمم المتحدة والمنظمات الدولية الأخرى ذات الصلة، بما فيها قرار مجلس الأمن رقم 497 لعام 1981.
وأكد المقداد أن العدوان المتواصل على قطاع غزة، والمواقف الأمريكية والغربية عموماً من هذا العدوان، ومن عدد من القضايا الدولية الأخرى، تتطلب اليوم الدعوة أكثر من أي وقت مضى إلى إعلاء قواعد القانون الدولي والمبادئ المنصوص عليها في ميثاق الأمم المتحدة، وخاصة لجهة احترام سيادة الدول وعدم التدخل في شؤونها الداخلية، وإقامة علاقات دولية على مبدأ المساواة بين الدول، وتكريس التعاون السلمي فيما بينها.
وبين المقداد أن الاتجاه إلى عالم متعدد الأقطاب ينهي الهيمنة الأمريكية ويعيد الحياة إلى المنظومة الدولية المبنية على احترام قواعد القانون الدولي ومبادئ العدل والمساواة، بات أمراً حيوياً بالنسبة لجميع دول وشعوب العالم، بغية عودة التوازن إلى العلاقات الدولية، بما يعزز السلم والأمن الدوليين، وينهي الضغوط السياسية التي تمارسها الدول الغربية على بقية دول العالم من خلال استخدام أدوات غير شرعية وغير قانونية، وعلى رأسها الإجراءات القسرية أحادية الجانب التي تعيق دول العالم الساعية إلى تحقيق أهدافها في الوصول إلى التنمية المستدامة والتقدم الاقتصادي.
وأشار المقداد إلى أن سورية تواجه تحديات كبيرة تتمثل بوجود المجموعات الإرهابية على أجزاء من أراضيها، إضافة إلى قوات الاحتلال الأمريكي والتركي في شمال، وشمال شرق البلاد، يضاف إلى ما سبق الإجراءات الاقتصادية القسرية أحادية الجانب غير الشرعية التي تفرضها الولايات المتحدة وحلفاؤها الغربيون على الشعب السوري، وأضحت هذه الإجراءات سلاحاً تستخدمه تلك الدول بانتظام ضد جميع الدول والشعوب التي ترفض الضغوط والإملاءات الغربية، ولا تسير في النهج والطريق المرسوم لها.
وشدد المقداد على أن هذه الإجراءات غير الشرعية تشكل الآن، إضافة إلى وجود قوات الاحتلال التركي والأمريكي، حجر العثرة الرئيسي في وجه سعي سورية إلى إعادة الإعمار، وتنفيذ مشاريع التعافي الاقتصادي، معرباً عن تطلع سورية إلى دعم الأشقاء العرب لكسر الحصار الاقتصادي الغربي غير الشرعي على الشعب السوري، والشروع بمشاريع التعافي المبكر، وهو ما يسهم بكل تأكيد في عودة الاستقرار إلى جميع ربوع البلاد، ويعزز قدرات سورية في مكافحة الجريمة وفرض الاستقرار واستتباب الأمن، ويدعم سعيها لعودة المهجرين جراء الحرب الإرهابية التي فرضت عليها.