تشي التصريحات الأخيرة للطوراني السلجوقي الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، بالعودة إلى هوايته المحببة في العدوان على الحدود السورية العراقية بعمق 30 كيلو متراً إلى النيات المبيتة الكامنة وراء عدم تصفير المشاكل التي نادى بها حزبه منذ سنوات عدة. العملية التي وعد ببدايتها في الصيف ضد "حزب العمال الكردستاني" هي شماعة لتوسيع حدود السلطنة العثمانية، التي طالما حلم بها، ونصب نفسه رمزياً سلطانا تركيا تحت عباءة إخوانية، فضحته علاقاته المميزة مع كيان الاحتلال الإسرائيلي، والتي طالما تغنى بدفاعه عن الشعب الفلسطيني في تضليل مفضوح للرأي العام التركي والإسلامي. أردوغان المتلون انتقد ما سماه عدم وفاء حلفاء بلاده بتعهداتهم في هذا الملف، والمقصود هنا روسيا والولايات المتحدة وجعلها شماعة لعملية عسكرية في الشمال السوري. لم يكتف أردوغان بسيطرته على إدلب الخضراء، بواسطة وكلائه من "جبهة النصرة" الإرهابية والفصائل الأردوغانية الإرهابية الأخرى ومحاولته البائسة تتريك المناطق التي تتواجد فيه قواعد تركية عبر تتريك اللغة العربية في المدارس وافتتاح فروع لجامعات تركية في سلقين وغيرها وتغيير أسماء الشوارع والساحات من العربية إلى التركية، بل يحاول قضم المزيد من الأراضي السورية، أسوة بلواء اسكندرون السليب. تصريحات أردوغان العدوانية جاءت عقب اجتماع الحكومة التركية برئاسته الأسبوع الماضي، حينما تحدث عن نكث عهود الحلفاء، اتفاقين مع الولايات المتحدة وروسيا في تشرين الأول 2019، أوقفت تركيا بمقتضاهما عملية عسكرية عدوانية باسم "نبع السلام" استمرت أياماً في شمال شرقي سورية. ووفق الاتفاق تعهدت حينها واشنطن وموسكو بإبعاد ميليشا ما تسمى "وحدات حماية الشعب الكردية"، أكبر مكونات ميليشا "قسد" الانفصالية المتآمرة، مسافة 30 كيلومتراً جنوب الحدود التركية، مقابل وقف العملية العسكرية بعد أن سيطرت القوات التركية وفصائل ما تسمى"الجيش الوطني السوري" الإرهابية الموالي لأنقرة على بعض المناطق في الجزيرة السورية، منها تل أبيض ورأس العين. وقال أردوغان وهو سيد النكوث بالعهود : "أريد أن يكون الأمر معلوماً، ما دام حزب العمال الكردستاني يجد لنفسه متنفساً في العراق وسورية، فلا يمكن أن نشعر بالأمان إطلاقاً.. الإرهابيون في جبال قنديل وفي شمال سورية سيواصلون التدخل ضد تركيا وفي سياستها وضد مواطنيها بكل فرصة... أي دولة ترفض هذا الأمر". وسبق أن أعلن أردوغان أن القوات التركية ستستكمل، بحلول الصيف، حزاماً أمنياً بعمق 30 إلى 40 كيلومتراً بطول حدودها الجنوبية مع العراق وسورية. إلى ذلك، جاءت تصريحات أردوغان عن عمليات جديدة محتملة في شمال سوريا، وسط تصعيد من جانب القوات التركية لهجماتها ضد عناصر وحدات حماية الشعب الكردية في شمال سوريا، حيث أعلنت وزارة الدفاع التركية، في بيان، القضاء على 4 من عناصر الوحدات الكردية، قالت إنهم أطلقوا نيراناً استفزازية بهدف زعزعة مناخ السلام والأمن في منطقة عملية "درع الفرات". أردوغان يستغل التوتر في المنطقة وانشغال العالم في المجازر التي تحدث في غزة والتي ساهم شخصيا في دعم "جيش " الاحتلال الإسرائيلي لوجستيا بالمواد المساندة غير الحربية مثل اللباس والطعام والمياه المعدنية وهذا الطوراني لا يقرأ التاريخ جيداً فهمه الوحيد ترسيخ سلطانه وسلطان حزبه الإخواني ولو عاد قليلاً للوراء لوجد فلول الاحتلال العثماني تطرد من الأراضي العربية تحت ضربات الحركات القومية العربية التي لا تقبل بوجود محتل غريب على أرضها مهما طال الزمن. جمال ظريفة