يعتبر الخبير الاقتصادي الدكتور مجد عمران أن أهم داعم ممكن لليرة السورية، وبالتالي للقوة الشرائية ومن ثم المواطن والاقتصاد كتحصيل حاصل، هي السمة الزراعية للاقتصاد، الأمر الذي يشكل نوعاً من الاكتفاء الذاتي لسكان الأرياف من حيث تأمين المنتجات الغذائية الرئيسية، وسياسات البنك المركزي ودورها في مواجهة التضخم، في حين نجد أن بقية العوامل تترك أثراً سلبياً على الليرة. ولخّص عمران أن تأثير هذه العوامل يعتمد على تفاعلها مع بعضها البعض وعلى الظروف الاقتصادية والسياسية الراهنة، انطلاقاً من تحسن الاقتصاد الوطني ودعم الإنتاج وتنفيذ سياسات نقدية واقتصادية فعالة يمكن أن تسهم في دعم الليرة وزيادة استقرارها.

أما عن تأثير تدفق تحويلات السوريين من الخارج على الاقتصاد السوري وقيمة الليرة، فقد بيّن عمران وفقاً لصحيفة البعث، أن تدفق الحوالات من الخارج يؤثر في البداية على تحسين المعيشة الشخصية للأسر التي تصلها هذه الحوالات، حيث يمكن استخدام هذه الأموال لتلبية الاحتياجات الأساسية مثل الغذاء والإسكان والرعاية الصحية، هذا يمكن أن يزيد من الاستهلاك المحلي ويقوي الطلب الداخلي، كما يمكن أن يساهم في عملية الاستثمار والتنمية عندما تستخدم هذه الأموال في بناء مشاريع جديدة أو دعم الأعمال الصغيرة والمتوسطة، الأمر الذي يمكن أن يحفز النمو الاقتصادي ويخلق فرص عمل جديدة، أما على صعيد الاقتصاد فهي تسهم بتقليل الضغط على الاحتياطيات النقدية الأجنبية للبلاد وتلبية الاحتياجات النقدية (وهو ما يلاحظ بوضوح في المناسبات والأعياد والتي تزيد فيها هذه الحوالات، وما يترافق مع تحسن في قيمة العملة)، ومع ذلك، يجب أن نلاحظ أن تأثير تحويلات السوريين على الاقتصاد وقيمة الليرة يعتمد بشكل كبير على كيفية استخدام هذه الأموال وعلى الظروف الاقتصادية والاجتماعية الراهنة في البلاد.

وحول دور السياحة والزيارات إلى سورية في دعم الليرة السورية، أشار عمران إلى أن السياحة تشكل داعماً قوياً لاقتصاد أي بلد لما تسهم فيه من تدفق العملة الأجنبية، وبالتالي زيادة الاحتياطيات النقدية للبلاد مما يعزز من قيمة الليرة مقابل العملات الأجنبية، كما أن تعزيز القطاع السياحي المحلي يخلق فرص عمل للسكان المحليين، سواء كان ذلك من خلال توظيفهم في الفنادق والمطاعم أو من خلال تقديم الخدمات السياحية الأخرى مثل الجولات السياحية والتسوق، هذا يزيد من الدخل المحلي ويعزّز الاستهلاك المحلي، مؤكداً أن السياحة تعزّز السمعة الدولية، وبالتالي فإن اعتبار أي بلد كوجهة سياحية متميزة يجذب مزيداً من الاستثمارات الأجنبية المباشرة ويعزز العلاقات الاقتصادية والتجارية مع البلدان الأخرى، وكثير من الدول تعتمد على السياحة لتنويع مصادر الدخل الوطني.

من جهة أخرى، قال عمران إن العوامل التي تسهم في تدهور قيمة الليرة متعدّدة، منها استمرار سيطرة الجماعات الإرهابية على منابع الطاقة وسرقة الثروات الوطنية، والعقوبات الاقتصادية التي تشهدها البلاد، والتوترات الجيوسياسية في المنطقة، ومعدلات التضخم العالية، والنقص في الاحتياطيات النقدية للبلاد بالعملات الأجنبية، وتباطؤ الصادرات وتدني معدلات النمو الاقتصادي، والتدهور في البنية التحتية ونقص الاستثمارات الأجنبية في البلاد، والتغيرات السياسات الاقتصادية العالمية، مثل سياسات الفائدة والتجارة الدولية، مشيراً إلى أن مواجهة هذه التحديات تتطلّب التعاون والتنسيق بين الحكومة والقطاع الخاص والمؤسسات الدولية، بالإضافة إلى اتخاذ سياسات اقتصادية ومالية فعّالة ومتوازنة تستهدف تعزيز النمو الاقتصادي المستدام وتعزيز قوة العملة المحلية.

  الدكتور مجد عمران تحدث عن الحلول الحكومية التي يمكن أن تسهم في تحسين قيمة الليرة السورية ودعم الاقتصاد، ومن هذه المقترحات تنفيذ سياسات نقدية ومالية للحدّ من التضخم وتعزيز الثقة في الليرة، على سبيل المثال، يمكن رفع معدلات الفائدة للحدّ من التضخم، وتبني سياسات مالية تحدّ من الإنفاق العام للتحكم في العرض النقدي، وتشجيع الاستثمارات الداخلية والخارجية من خلال توفير بيئة استثمارية ملائمة وتقديم حوافز مالية وضريبية للمستثمرين.

وأوضح عمران أنه يمكن دعم القطاعات الاقتصادية الحيوية وتنمية الصناعات المحلية لتعزيز النمو الاقتصادي، وتعزيز الصادرات من خلال تطوير القطاعات الصناعية والزراعية، وتحسين القدرة التنافسية للمنتجات المحلية في الأسواق الدولية، كما يمكنها الترويج للتجارة الخارجية من خلال توقيع اتفاقيات تجارية مع الدول الأخرى، وتبسيط الإجراءات الإدارية وخلق بيئة استثمارية مناسبة، وتقليل البيروقراطية لتسهيل إنشاء الشركات وتشغيل المشروعات الصغيرة والمتوسطة، والعمل على تحسين البنية التحتية وتوفير الخدمات الأساسية ومصادر الطاقة مثل الكهرباء والمياه لدعم الأعمال، والتعاون مع الدول الحليفة والصديقة والمنظمات والمؤسسات الدولية للحصول على الدعم المالي والفني لتنفيذ برامج التنمية والإصلاح الاقتصادي والاجتماعي وإعادة الإعمار، وتنفيذ سياسات للتحكم في العملة الأجنبية وتقييد تداول العملات الأجنبية، مؤكداً أن تنفيذ هذه السياسات والإجراءات بشكل فعّال ومتوازن يتطلّب التعاون بين الحكومة والقطاع الخاص والمجتمع المدني، بالإضافة إلى الالتزام بالشفافية ومكافحة الفساد.