يرى الباحث في الشؤون الاقتصادية، الدكتور رازي محي الدين، أننا في سورية نعاني تحدياً في تحديد الأرقام الدقيقة لعدة أسباب؛ الأولى هي غياب الأرقام الرسمية، والثانية وجود اقتصاد ظليل كبير في سورية، ويمكن تحديد العوامل المؤيدة لليرة في وجود تقديرات تشير إلى أن عدد السوريين خارج سورية يتجاوز الـ 6 ملايين، وبالتالي يتم دفع مبالغ مالية كبيرة لتجديد جوازات السفر وتسديد الرسوم الأخرى، وإذا فرضنا الحدّ الأدنى لتلك الخدمات، فإنها تصل تقريباً إلى 2 مليار دولار.

ويضيف الباحث محي الدين أن أكثر من 80% من السوريين يعتمدون على تحويلات الأقارب من الخارج، وتقدّر بنحو 1000 دولار سنوياً كمتوسط، مما يجعل الحوالات إلى سورية تقدّر بمليار دولار، ويقدّر بدل الخدمة الإلزامية بنحو نصف مليار دولار سنوياً، كما يتراوح عدد الزوار إلى سورية نحو المليونين، وتقدّر عائدات هذه الزيارات بمليار دولار سنوياً بوسطي إنفاق ٥٠٠ دولار، أما في قطاع السياحة فيقدّر عدد السياح بنحو 2 مليون، وتقدّر الإيرادات بنحو 600 مليون دولار بوسطي إنفاق 300 دولار.

وأضاف محي الدين وفقاً لصحيفة البعث،  أن هجرة الاستثمارات والادخارات تقدّر حسب حجم الاستثمارات السورية الجديدة في الخارج بـ 1 مليار دولار كحدّ أدنى، ومصروفات شراء القمح من شرق الفرات السوري بنحو مليون طن وتقدّر بـ 350 مليون دولار، لذلك نلاحظ شبه استقرار سعر صرف الليرة السورية في الآونة الأخيرة، وإذا تمكنت الحكومة من توجيه فوائض الأموال للأسواق المالية وزيادة الرواتب وتشجيع المستثمرين، فإننا قد نشهد تحسناً في قيمة الليرة، مؤكداً أنه لا يتحدث عن موازنات حكومية أو ناتج محلي فهي تحتاج لمعادلات أخرى، بل يتحدث عن كافة العوامل التي تؤثر على الليرة، سواء كانت محلية أم وطنية أو سوق سوداء أو تغير ثروة، كما أن الأرقام تقديرية، وقد تكون الفعلية أكثر من ذلك بكثير أو أقل، لكنها طريقة مبسطة لمعرفة العوامل التي تؤثر على الليرة وكيفية التأثير عليها وتوجيهها .

  ويقترح الدكتور رازي محي الدين عدة خطوات تسهم في دعم وتوجيه الليرة السورية، وهي ضبط عمليات الإقراض، ورفع سعر الفائدة على القروض وربط المنح بالبيانات المالية الرسمية، حيث تعتبر عملية أخذ القروض وقلبها إلى دولار السبب الأكبر والأول لانهيار الليرة، وعندما تمّ ضبط الإقراض بعامي 21 و22 كان هناك شبه استقرار، وتشجيع البنوك والمستثمرين للاستثمار المالي لفوائضهم بسوق دمشق للأوراق المالية الذي يعتبر واعداً، حيث إن أسعار أسهمه أقل من صافي القيمة الحقيقية العادلة لأصوله بكثير، بالإضافة إلى رفع أسعار العوائد على السندات الحكومية والصكوك لكي تصبح جذابة للبنوك والمؤسسات وتشجع المدخرين أن يدخروا أموالهم بالليرة، ودعم مشاريع الشباب بحاضنات أعمال للمشاريع الريادية والتقنية ورفع الحدّ الأدنى المعفى من الضريبة بهدف الحفاظ على الشباب والتخفيف من الهجرة، وزيادة الرواتب والأجور بهدف تقوية السوق المحلي والتشجيع على الاستثمار، فالمستثمرون لا يدخلون أسواقاً ذات قوة شرائية ضعيفة، وإيجاد حلول جاذبة لقضية الاحتياط والخدمة بهدف الحفاظ على الشباب والمدخرات من الهجرة، وتحرير الأسعار، وخاصة أسعار الصحة والتعليم والخدمات، لأن أكثر الصناعات خسارة هي هذه القطاعات بسبب تقييد التسعير الذي أضرّ بالخدمات وأدى لهروب الأموال والكفاءات، وبالتالي فإن توجيه العوامل المؤثرة على الليرة بشكل صحيح يضمن تحسّن مناخ الاستثمار وتخفيف الضغط على الليرة الناتج عن هروب الكفاءات والأموال والمضاربة على الليرة، ويساعد لاحقاً بعودة منتظمة لهذه الأموال والكفاءات.