أوكسجين سورية_

شارك 21 مخايلاً ومخايلة من طرطوس في تدريبات مكثفة لمدة شهر كامل على مهارات فن مسرح خيال الظل، نفذتها الأمانة السورية للتنمية تلاها تقديم عروض على مدار تسعة أشهر كمرحلة تدريبية وصولاً لإطلاق “ظلال طرطوس” كأول فريق لمسرح خيال الظل في المحافظة، لإعادة إحياء هذا الموروث بعد أن أدرجته اللجنة الحكومية الدولية لصون التراث الثقافي غير المادي التابعة لمنظمة اليونيسكو عام 2018 على قائمة التراث الذي يحتاج إلى الصون العاجل.

وخلال حفل إطلاق الفريق الذي أقيم في ساحة مدينة طرطوس القديمة، قدم الفريق عرضاً حمل عنوان “شاشة وشوية تراث” لتروي شخصياته قصصاً وحكايا أضاءت على بعض من جوانب تراث منطقة الساحل السوري وصناعاته التقليدية، كصناعة السفن وأدوات الصيد وعادات أهل المدينة والريف الاجتماعية، أدخلوا خلالها أمثالاً شعبية وأهم المأكولات التراثية، مع ذكر المواقع الأثرية فيها.

العرض تحدث أيضاً عن دور الأمانة السورية للتنمية وجهودها بتأسيس فرق خيال الظل في عدة محافظات، والتي كانت بدايتها من دمشق عام 2019 إيذاناً بإعادة إحياء هذا التراث، لتنتقل بعدها إلى محافظتي السويداء وحلب مع عرض قصص نجاح لمخايلين من تلك المحافظات، وترافقت العروض بتوضيح مراحل التدريب وصولاً إلى كيفية تقديم العروض.

مدير الأمانة السورية للتنمية بطرطوس هادي ضاهر، أشار في كلمته إلى أهمية مسرح خيال الظل الذي يمثل جزءاً من تراثنا وثقافتنا، و ضرورة أن يبقى مصاناً تتوارثه الأجيال قائلاً: “خيال الظل ليس مجرد دمى تحركها أصابع المخايلين من وراء ستارة رقيقة، بل هو وجدان شعبي وذاكرة حيّة وجزء من حكايا الشعوب ورسالتها وقطعة لا تموت من تاريخها وحضارتها”.

وبين ضاهر أن الأمانة السورية للتنمية توجهت نحو المهتمين بالظل وخياله عبر تدريب متقن، مستعينة بمختصين، ومع إعلانها إقامة برنامج التدريب في محافظة طرطوس عام 2023 تقدم العديد من الشباب والشابات لذلك، ولأن مسرح خيال الظل فن وثقافة مجتمعية وضعت معايير دقيقة للقبول والاختيار ليصبحوا مخايلين محترفين.

وأشار ضاهر الى أن برنامج التدريب أنتج 21 مخايلاً في طرطوس اجتازوا رحلة تدريب على المهارات وفقاً لمنهج نظري وعملي، وخضعوا لامتحان نهائي أشرفت عليه لجنة علمية متخصصة، لينتجوا 42 شخصية تعكس جزءاً من هوية وخصوصية المجتمع السوري، آخذين على عاتقهم إعادة الروح لمسرح خيال الظل وإطلاق ظلالهم من جديد، لافتاً إلى أن الأمانة تعمل على دمج فريق ظلال طرطوس ضمن أنشطة المنارات المجتمعية لإيصال محتوى هادف، داعياً الجهات والجمعيات للتشبيك مستقبلاً مع الفريق لاستخدام عنصر خيال الظل كعنصر تربوي اجتماعي ترفيهي توجيهي وفق رسائل مدروسة لتحقيق التأثير الإيجابي في المجتمع.

مشرفة دراسات مشاريع التراث الحي في الأمانة السورية للتنمية شيرين نداف بينت أن الفريق يضم مجموعة من الشباب والشابات جمعتهم محبة مسرح خيال الظل لإعادة إحيائه وإقامة عروض وأنشطة دائمة بما يخدم الرسائل الاجتماعية والتربوية الهادفة.

مدربة الأداء المخرجة إيناس حسينه عرضت مراحل العمل الذي بدأ مع طرح استمارة إلكترونية التي تقدم الراغبين لتعلم هذا الفن من خلالها مروراً بالتدريب على كيفية تصميم وصناعة الدمى وقصها وتلوينها، ومن ثم طريقة تحريكها وصولاً إلى مرحلة التدريب على الصوت وأداء الحكايا، مشيرة إلى أن من أهم قواعد وأسس الاختيار الإلمام بالرسم، وأن يمتلك الشخص القدرة على أداء الصوت ومخارجه بطريقة سليمة مع الحضور الجيد والثقافة الواسعة.

وتحدثت خلود حجازي من جزيرة أرواد عن تجربة وعمل عائلتها في توثيق وحفظ قصص وروايات وشخوص مسرح خيال الظل الذي كان يقدم في أربعينيات القرن الماضي خلال فصل الشتاء، مع توقف أعمال البحر لأهل الجزيرة، حيث كان حسين حجازي أحد أفراد العائلة مواظباً على حضور الفصول التي كانت تعرف باسم (كريكيزة وعيواظة)، نسبة إلى شخصيتي كركوز وعواظ، وملازماً للمخايل سليمان المعماري المسؤول عن أداء تلك الشخصيات آنذاك، وكان حجازي يدون ويوثق هذا الفن بجهد فردي طيلة 20 عاماً صوناً له ولحفظه من الاندثار لتكون حصيلة هذا العمل 6 مجلدات بنحو 400 صفحة لكل مجلد .

ولفتت إلى تواصل وزارة الثقافة مع عائلة حجازي للعمل على تنفيذ هذا المشروع وطباعته ونشره، حيث تم نشر الجزء الأول منه مع العمل على متابعة العمل لنشر وطباعة المجلدات الخمسة الباقية.

وأكد عدد من المخايلين على أن شغفهم وحبهم للفن عموماً ولمسرح خيال الظل بشكل خاص بهدف صونه وإبراز دوره ورسالته السامية في التعبير عن قضايا ومشاكل وهموم المجتمع بطريقة تجمع بين الفكاهة والنقد عبر شخوص لها أثر وحضور يجعلها أكثر تاثيراً في ذهن المتلقي، كان من أهم أسباب رغبتهم بتعلمه ليكونوا عناصر فعالين في إحياء تراث بلدهم، وبالأخص تراث الساحل السوري، كما قال كل من علي شاليش وسيرين سليمان ودعاء عبود.

رافق حفل إطلاق الفريق معرض ضم مجموعة قطع أثرية لجزيرة أرواد تحتفظ بها عائلة حجازي، وقطعاً حديثة للتعريف بأدوات هذا الفن قديماً وحديثاً، إضافة الى فيلم تعريفي عن مراحل تدريب الفريق، ووصلة غنائية لكورال منارة الدريكيش المجتمعية قدم خلالها باقة من الأغاني التراثية من الساحل السوري.

المصدر: وكالة سانا