تابعت لجنة القرار رقم 43 م.و المكلفة بمراجعة بعض القرارات والإجراءات الخاصة بشروط شغل مراكز عمل القيادات الإدارية، إضافة إلى شروط تمديد الخدمة للعاملين في الدولة، وضوابط عمل ذوي القربى في ذات الجهة العامة وكيفية تلبية احتياجات الجهات العامة من العمالة الجديدة وغير ذلك، اجتماعاتها في مبنى رئاسة مجلس الوزراء، حيث عقدت اليوم اجتماعاً كان على جدول أعماله الضوابط والشروط الناظمة لتمديد الخدمة العامة، إضافة إلى القرار الناظم للمسابقة المركزية للتوظيف.

في حين تمت مراجعة الضوابط الخاصة بتمديد الخدمة بشكل سلس، حيث اتفق أعضاء اللجنة على ضرورة اعتماد منهجية واضحة وسياسة مسؤولة في تمديد خدمة العاملين في الدولة من منظور موضوعي يراعي متطلبات الجهات العامة والحاجة الفعلية للتمديد، بعيداً عن المنظور الاجتماعي أو العاطفي لطلبات التمديد، باعتبار أن تمديد خدمة أي عامل لمدة عام يعني في نفس الوقت تأخير تعيين عامل جديد في الدولة لمدة عام أيضاً.
فتمديد خدمة العاملين يجب أن يكون نزولاً عند مخرجات دراسة وافية تبين الإنتاجية الفعلية من قرار التمديد، مع ضمان وجود مسار واضح لنقل الخبرات المتراكمة للعاملين الذين وصلوا إلى سن التقاعد إلى عمالة جديدة، حرصاً كذلك على ضخ دماء جديدة في الجهات العامة وضمان التطور المستمر لأداء هذه الجهات.
بالمقابل، شهد موضوع المسابقة المركزية تباينات حادة بين أعضاء اللجنة، تراوحت بين تحميل أحكام القرار الناظم للمسابقة المركزية النافذ مسؤولية عدم تلبية الجهات العامة لاحتياجها، بسبب النمذجة والنمطية الموحدة التي تم التعامل بها مع احتياج هذه الجهات من عمالة ذات طبيعة خاصة تتطلب بعض الشروط والمعايير المحددة، كما وتستوجب إجراء مقابلات شفهية لضمان التأكد من ملاءمة المرشحين لمراكز العمل المطلوبة.
كما تناولت بعض الانتقادات الأتمتة الجامدة لآلية انتقاء واختيار المرشحين لشغل الوظيفة العامة واستبعاد العامل البشري في سياق السعي لإقامة العدالة في الحصول على فرصة الوظيفة العامة، والذي جاء في بعض نواحيه على حساب كفاءة إشغال مراكز العمل في الوظيفة العامة.
بالمقابل، شدد بعض أعضاء اللجنة على أهمية وضرورة الحفاظ على الكثير من المكتسبات المتقدمة التي حققتها تجربة المسابقة المركزية، ولا سيما لجهة العدالة في منح الفرص لإشغال الوظيفة العامة دون أي تدخلات أو “واسطات” تخل بمبدأ المساواة في الحقوق والفرص بين المرشحين.
كما تناول بعض الأعضاء بالتحليل الدقيق عدم اجتهاد بعض الجهات العامة في الاستفادة من المرونة التي تتيحها الأحكام الناظمة للمسابقة المركزية، بهدف وضع شروط ومعايير خاصة تلبي المتطلبات الخاصة لهذه الجهات بما في ذلك المقابلات الشفهية.
واطلع أعضاء اللجنة على ورقة العمل التي قدمتها وزيرة التنمية الإدارية بعنوان “سياسة إشغال الوظيفة العامة”، ونظراً لأهمية الموضوع المطروح، وحرصاً على دراسته وتحليله بشكلٍ وافٍ قبل رفع أي توصيات بشأنه، فقد قرر أعضاء اللجنة تأجيل البت به حتى الأسبوع المقبل، حرصاً على دراسة كافة أحكامه من النواحي القانونية والإدارية والتنظيمية، لضمان أن يسمح بتلبية احتياجات الجهات العامة من العاملين في الزمن المطلوب، وبالكم والكيف المطلوبين أيضاً، مع مراعاة اعتبارات العدالة والشفافية والمساواة بين كافة المرشحين، وضرورة الابتعاد عن أي عواطف أو مقاربات اجتماعية تؤثر في كفاءة أحكام إشغال الوظيفة العامة، والتي تدفع الجهات العام أثماناً باهظة بسببها في الوقت الحالي.
فالتوظيف، كما ترى لجنة القرار 43 م.و يجب أن يكون مبنياً على تخطيط وإدارة الموارد البشرية، ويجب أن يبنى قبل كل شيء على دراسات الجدوى الاقتصادية من استثمار رأس المال البشري بعيداً عن الحديث عن ضرورة تلبية طلبات العاطلين عن العمل، مع التأكيد الشديد على السعي لخلق فرص عمل تستقطب كافة الأيادي العاطلة عن العمل، وهي مسؤولية مشتركة من القطاعين العام والخاص في آن معاً وليست منوطة فحسب بالجهات العامة.
 كما يجب النظر إلى سياسة التوظيف على أنها منتج مرافق لتطور النشاط الاقتصادي والاجتماعي يأتي في سياق نمو هذا النشاط، وليس قراراً إدارياً تأخذه الجهة العامة أو الخاصة ثم تبدأ معاناة البحث عن الرواتب والأجور وزياداتها المتتالية بشكل بعيدٍ عن أي منطق اقتصادي، بل واجتماعي.