نظراً لأهمية الشركات المساهمة في النشاط الاقتصادي، وحرصاً على تعزيز حضور هذا النوع من الشركات في الاقتصاد الوطني لما تتمتع به من مزايا مالية وتشغيلية وإدارية متقدمة تساعد في إدارة التمويل والاستثمار بكفاءة وفاعلية... ترأس الدكتور محمد الجلالي رئيس مجلس الوزراء اجتماعاً للجنة الاقتصادية، تمت خلاله مناقشة ورقة العمل المقدمة من قبل وزارة الاقتصاد والتجارة الخارجية حول واقع الشركات المساهمة في البلد، من حيث عددها، وآليات عملها، وأهم الصعوبات التي تعترض مسار إحداثها وتشغيلها، بالإضافة إلى مقترحات تعزيز حضور هذه الشركات في النشاط الاقتصادي الوطني.

تم خلال الاجتماع التأكيد على أهمية الشركات المساهمة في بنية الاقتصاد الوطني، كما جرى استعراض الجهود الحكومية المبذولة لتوفير البيئة التشريعية والقانونية والتنظيمية المناسبة للتوسع في هذا النوع من الشركات.

وتناول الاجتماع تقييماً دقيقاً لنتائج تطبيق أحكام كل من القانون رقم /11/ لعام 2023 الذي منح محفزات هامة وإعفاءات ضريبية لإعادة تقييم الأصول الثابتة للشركات القائمة التي تقوم بالتحول والاندماج على أن ينتج عنها شركات مساهمة مغفلة، وأيضاً أحكام القانون رقم /3/ لعام 2024 الذي سمح للجهات العامة بالتعاقد مع شركات مساهمة عامة قابضة لإدارة مرافق عامة اقتصادية.

وشدد الدكتور الجلالي على أهمية وضع أحكام النصوص التشريعية موضع التنفيذ، مؤكداً على مسؤولية الجهات العامة المعنية عن حسن متابعة تنفيذ هذه الأحكام وضرورة تقديم تغذية راجعة موضوعية ومسؤولة حول كفاءة التنفيذ ومدى قدرة الصكوك التشريعية النافذة على تلبية الغرض من صدورها، فالأحكام التشريعية يمكن اقتراح تعديلها، والسلطة التشريعية أبوابها مفتوحة لأي مقترحات لتعديل هذه الصكوك في حال توفر الأسباب الموجبة المقنعة لذلك.

كما توقف الجلالي عند التمييز بين عدم كفاية النصوص التشريعية والقانونية من جهة، وعدم قدرة الجهات المعنية على تنفيذ هذه الأحكام من جهة أخرى. ففي كثير من الأحيان يتسبب تقاعس الجهات المعنية وتعاملها الجامد مع النص القانوني في تعطيل الأحكام القانونية.

واستعرض الدكتور الجلالي أهمية فلسفة الشركات المساهمة في الانتقال من الحالة الاستثمارية الفردية إلى الحالة المؤسسية المترافقة مع حالة متقدمة من التنظيم والإدارة الجماعية للتمويل والاستثمار، وأكد حرص وجدية الحكومة في تعزيز حضور الشركات المساهمة في البلد والتوجه لتحديث بنية السوق الاستثمارية فيه، ونقل الكثير من الأنشطة من اقتصاد الظل إلى الاقتصاد الرسمي الذي تعد الشركات المساهمة من أهم أركانه وحوامله لما تتمتع به من مزايا إدارية وقانونية وتنظيمية متقدمة مدعومة ببنية حوكمة مالية متطورة، تحت رعاية ومتابعة هيئة الأوراق والأسواق المالية السورية.

شهد الاجتماع مناقشة شفافة حول أهم أسباب ضعف الإقبال على إحداث الشركات المساهمة، حيث بينت بعض المداخلات أن الرغبة في التهرب الضريبي الناتج عن الأعباء الضريبية الكبيرة التي تتحملها هذه الشركات، بالإضافة إلى الإجراءات الطويلة والمعقدة التي يتطلبها إحداث الشركات المساهمة، من أهم تلك الأسباب. كما تناول الاجتماع بعض الآثار السلبية لمحددات إعادة تقييم أصول الشركات القائمة في تحفيزها لتحولها إلى شركات مساهمة. وأكد رئيس مجلس الوزراء ضرورة الخروج من دائرة النظر إلى الشركات المساهمة باعتبارها محلاً لجباية الضرائب فحسب، والتركيز على دورها الاقتصادي والتشغيلي والإنتاجي، وعلى وجه الخصوص دورها الإيجابي في تعبئة الادخار الوطني، وتحويله إلى استثمار وإلى قيمة مضافة.

كما تم التأكيد خلال الاجتماع على أنه إلى جانب الاهتمام الحكومي بقطاع المشاريع الصغيرة والمتوسطة، تولي الحكومة أيضاً اهتماماً بالغاً لضبط قطاع الشركات المساهمة وتنظيمه لضمان تناغمه مع التوجهات الحكومية الهادفة إلى إدارة وتوجيه كافة الموارد نحو الأهداف التنموية الشاملة.

في نهاية الاجتماع تم تكليف اللجنة الاقتصادية تشكيل لجنة مختصة من ماليين، وقانونيين، ومعنيين بالأسواق المالية وإدارة الاستثمار والتمويل، على أن يكون الأعضاء من القطاع الحكومي ومن قطاع الأعمال، بهدف تقديم دراسة مفصلة حول سبل تعزيز إحداث هذا النوع من الشركات في الاقتصاد الوطني في ضوء مناقشات اللجنة، على أن تنجز اللجنة أعمالها خلال مدة محددة من الزمن.