ألعاب كسر عظم أم حرب إبادة أم صراع حتى الموت، كما كان يجري في حلبات أثينا وروما، دققوا وتابعوا الحاصل الآن، من القدس إلى جنين إلى غزة، الأراضي الفلسطينية مقطعة الأوصال، والصيادون منتشرون بلا رحمة ودون هوادة، كذلك الأمر في سورية شرقي الفرات وإدلب بشمالها والتنف ومخيم الركبان والجولان وجنوبي لبنان، كلها أرض عربية يدنسها صائدو الغنائم الباحثون عن الثروات المصرون على تقطيع أوصال المجتمع الواحد، وكذلك دونيتسك ولوغانسك وباخموت وخيرسون والقرم وزابروجيا، أراضي الشعب الروسي وقواته التي تواجدت عليها، استنفرت الغرب الأورو أمريكي برمته الذي مارس هواية كسر العزم والعظم مع روسيا الاتحادية، وتابعوا أيضاً تايوان الصينية والإصرار الأمريكي الذي مازال يمارس لعبة العصى والجزرة مع الصين الأم، والنقاش مستمر حول صين واحدة، السودان وصراع مرير على الغنائم من ذهب ويورانيوم ومياه عذبة، من دارفور إلى بور سودان، من الشمال على الحدود المصرية حتى السودان الجنوبي الذي اقتطع من السودان الواحدة الذاهبه إلى التقسيم لا محالة، أوروبا لاعب قديم لم يتطور بعد أن كانت قوى استعمارية مرعبة حجّمها الأمريكي وأخضعها إليه، وذهب يفتعل المشكلات والفتن مكتفياً بإدارتها ومتجاهلاً حلّها، ولذلك سهل التلاعب وظهرت القسوة التي تدير العقل العالمي، ومن خلالها نرى تناثر الركام وتصاعد أعمدة الدخان دون توقف من الصباح حتى المساء، ومنه إلى الصباح القادم، فقط يشهد الأحياء جمع الجثث ونقل الجرحى والمصابين والدمار، ويتنافس الإعلام المتنوع حول عدد الذين حُيّدوا عن القتال أو إلى الذين تم القضاء عليهم، وعن أولئك الذين سقطوا من المقاتلين والمدنيين، وهناك من يقول استشهدوا وارتقوا إلى الأعلى، في النتيجة تحدث معارك متكافئة أو غير ذلك، فهناك شعوب لا تمتلك إلا الامتثال للتقاتل مع شعوب تمتلك القوى الهائلة، والنتيجة تُظهر عدم التكافؤ من خلال النتائج المقررة للمادي والبشري.
العالم يدمر وجوده، الحروب تهيمن وتنشر الفوضى والاضطراب والعصى الغليظة بيد حفنة تضرب بها في كل مكان، الاقتصاد يتمركز بيد حفنة غير عاقلة فلا حكمة ولا استقرار ولا أمان، الأمم المتحدة تستنكر وتشجب وتطلب وترسل مبعوثين وتعرب عن قلقها إزاء كل وضع متوتر وترفع نسبة القلق أو تخفضه بحسب المنطقة وقوة الفاعل وضعف المفعول به، وحده الذكاء الاصطناعي يرصد التفاصيل الدقيقة ويُقيّم المخاطر ويطور في الأجيال المنتجة التي يريد أن يقدمها بعد تخفيض عدد سكان الكوكب الحي، وإن لم يحدث ستقوم أجياله الاصطناعية بهذه المهمة التي لم تستطع الأمراض الافتراضية نتاج الحروب البيولوجية من انفلونزا الطيور إلى انفلونزا الخنازير إلى جنون البقر مروراً بالآيدز أو "السيدا" وبعده الإيبولا، وصولاً إلى كورونا وتحولاته، وأخيراً حروب كسر العظم  للحد من مشكلة التكاثر أو التقليل من البشر الذين وصل تعدادهم في الشهر الخامس من هذا العام 2023 إلى ثمانية مليارات ونيف من البشر، أوروبا تحلم باليقظة من حلم الهجرة، أفريقيا بين الشرق والغرب تائهة، آسيا في مهب الريح مع الصين، العرب مازالوا يبحثون عن أنفسهم، جحيم الحروب ينتج أشخاصاً إلى القبور وأشخاصاً إلى النزوح واللجوء، وأشخاصاً إلى المشافي نتاج الإصابات بشظايا القذائف والانفجارات وعمالة وسماسرة انتهازيون وساسة من يقدر على وقف كل هذه الأحداث والصراع بأنواعه وأشكاله  بين إنسان وإنسان، أين هذا الإنسان الذي يستطيع أن يحكم بينهما، وإذا نجح في إحداث الهدوء والهدن، وكل هذا يستبق العواصف التي تحدث بشرارة أو كلمة أو رصاصة أو اختطاف، أو اجتماع على أوضاع سياسية أو اقتصادية أو اجتماعية أو دينية طائفية أو مذهبية أو عقائدية، وسرعان ما يتحول كل ذلك أو بعض منه إلى خطر واهم يهدد وجود مجتمع أو دولة أو دول أو العالم بأسره.
كيف ستعْبُر الشعوب الحاملة لكل هذه الآلام والآثام إلى غدها؟ هل من مرتاح فيها ؟الثري والفقير تملك كلاً منهما القلق وغدا مصيرهما واحداً، والسبب أنه لم يعد هناك أمان على سطح هذا الكوكب، الكل مُعرض للخطر من ذات الإنسان وفكره، أو من الطبيعة وكوارثها التي توازي كوارث المنتج البشري، صراع الإنسان مع الإنسان مستمر أبدي لا شيء يذهب، لا شيء يختفي من حياة الشعوب، الذاكرة تُدوّن ويأخذ منها التاريخ ما نصرح عنه، والذي نخفيه أو نسقطه أو نمحوه أو ننساه لا بد وأن يظهر من خلال ثقوب الذاكرة التي منذ أن وُجدت وهي تنزف الألم والحروب والدمار، والسبب هو أننا نحن الإنسان لا نريد مواجهةً مع ذاتنا ومع بعضنا، فكرية كانت أم علمية أم إنسانية، فنذهب إلى مواجهة من شكل آخر يحكمها السلام ونتائجه التي أخذت شكل حمولة قاسية، ننقلها من جيل لآخر، ممتلئة بالآلام والآمال، الأمال الضعيفة والآلام المرهقة والقاسية، لم نتعلم أولا نريد أن نتعلم رغم الذي امتلكناه من العلوم، إلا أني أجده يستنكر بغاية تدمير بعضنا رغم كل النجاحات، العالم يسعى لتدمير نفسه بنفسه أين المفر.