بحضور السيدة الأولى أسماء الأسد أطلقت وزارة الصحة اليوم البرنامج الوطني للكشف والتدخل المبكر لنقص السمع عند حديثي الولادة، وذلك على المدرج الرئيسي بجامعة دمشق.

وخلال إطلاق البرنامج ألقت السيدة الأولى أسماء الأسد كلمة حول الكشف المبكر عن نقص السمع لدى حديثي الولادة مؤكدة انه ممكن ومتاح ونتائج العلاج فعالة إلى حد كبير في حال تم التدخل المناسب في الوقت المناسب، مضيفة إنه “إذا كان الإنسان هو منطلق ومستقر أي عمل إنساني أو خدمات طبية تُقدَّم فإن الأطفال يحتلون المرتبة الأولى في هذه الخدمات، فسلامة أطفال أي وطن تعبر عن سلامة مجتمعه وأجيالهِ، وبالتالي سلامة مستقبله”.

وأوضحت السيدة الأولى أن توافر العلاجات الطبية للمرضى هو المحور الأهم لقياسِ التقدم في مجال الصحة العامة عبر العقود الماضية، لكن التطور العلمي الكبير الذي تحقق عالمياً في هذا المجال قد بدل المعايير بحيث أصبحت الوقاية اليوم من الأمراض هي المعيار الأهم متفوّقة على العلاج والعناية الطبية اللاحقة.

وأشارت السيدة الأولى إلى أن المسؤولية تقع علينا جميعاً بدءاً من الأهل والمؤسسات المعنية، مروراً ببروتوكولات تشخيص الحالة في مراحلهِا المبكرة، وصولاً إلى المعالجة التخصصية لافتة إلى أن هذه المسؤولية المشتركة بين كل الجهات السابقة هي التي تشّكل روح البرنامج الوطني للكشف والتدخل المبكر لنقص السمع عند حديثي الولادة.

وفي كلمة له، أوضح وزير الصحة الدكتور حسن الغباش أهمية البرنامج الذي يضمن المسح والكشف والتشخيص المبكر لنقص السمع لدى جميع المواليد الجدد في سورية، حيث يحصلون على هذا المسح والتشخيص الضروري لمستقبل حياتهم، لافتاً إلى أن الوزارة وبالتعاون مع شركاء البرنامج في (وزارات التعليم العالي والبحث العلمي والدفاع والداخلية ومنظمة الهلال الأحمر العربي السوري ومنظمة آمال الشريك الأول في هذا البرنامج)، تتطلع ليكون المسح السمعي لحديثي الولادة شأنه شأن برنامج اللقاح الوطني الذي يقدم اللقاحات الضرورية التي يلتزم بها الوالدان تجاه طفلهما الرضيع.

وقال الدكتور الغباش: “عندما نتحدث عن برنامجٍ وطني وعن جهود جماعية فإننا نتحدث حقيقة عن عمل استغرق إنجازه سنوات عديدة، عملت فيها أجهزة الدولة الرسمية ومؤسساتها المدنية والجمعيات الأهلية وخبراؤها على وضع بروتوكولات طبية معيارية للمسح السمعي والكشف والتدخل المبكر لدى الأطفال المصابين بنقص السمع منذ ولادتهم وحتى عمر الأربعة عشر عاماً.. وبروتوكولات لتأهيلهم في مجال اللغة والكلام، وتم اعتماد هذه البروتوكولات دليل عمل وإجراءات للمعنيين في مواجهة نقص السمع، حيث تضمن هذه البروتوكولات الطريقة المعتمدة عالمياً للوصول إلى النتائج المرجوة لدى الأطفال الذين يعانون نقص السمع”.

وأضاف الدكتور الغباش: “عند الحديث عن العمل الإنساني والإنجاز النوعي.. العطاء وتذليل العقبات.. متابعة الخطط والبرامج وخصوصاً تلك الرامية إلى تعزيز صحة الفرد، والوقاية من الأمراض الخطرة، ودعم حقوق الأشخاص ذوي الإعاقة للحصول على فرصٍ متكافئة، لا يسعنا إلا أن نتوجه بالشكر الجزيل للسيدة الأولى أسماء الأسد التي رسمت المسار ودعمت تنفيذه منذ قرابة عقدين عبر رعايتها أهم برامج التأهيل السمعي طبياً ونفسياً واجتماعياً لنصل اليوم لبرنامج وطني متكامل”.

وأكد الدكتور الغباش أن القطاع الصحي سيواصل رسالته الإنسانية وعمله الدؤوب لخدمة المرضى، مؤمنين بسورية الأمل والمستقبل بقيادة السيد الرئيس بشار الأسد وتوجيهاته، والتي لم ولن يتوقف نبض الحياة فيها على الرغم من الحرب والحصار.

عضو مجلس أمناء المنظمة السورية للأشخاص ذوي الإعاقة (آمال) وعضو المجلس المركزي للأشخاص ذوي الإعاقة الدكتور علي توركماني، أشار إلى أنه على مدى 20 عاماً كانت وما زالت منظمة آمال تسعى إلى تحقيق الأهداف ودعم الأشخاص ذوي الإعاقة بكل السبل المتاحة، وذلك بدعم كبير من السيدة الأولى أسماء الأسد، لافتاً إلى أهمية الشراكة مع الجهات الأخرى العامة والخاصة والأهلية لإعطائها القوة والثبات والاستمرارية.

وأشار توركماني إلى أنه رغم جميع التحديات والصعوبات والمعوقات التي تواجه سورية حرباً وإرهاباً وحصاراً استطاعت آمال الاستمرار حيث حظيت بتوقيع أكثر من 15 اتفاقية مع الجامعات السورية وبلغ عدد الخريجين حتى يومنا هذا أكثر من 240 خريجاً في مختلف الاختصاصات وتتوج توطين الاختصاصات بإحداث كلية العلوم الصحية عبر اتفاقية مع أكثر من أربع جامعات عربية وأجنبية وإبرام اتفاقية التعاون مع وزارة الصحة لتجهيز أكثر من 10 مراكز صحية للكشف الأولي وثلاثة مراكز للاستقصاء السمعي وقامت بإجراء نحو 244 عملية زرع حلزون.

وفي كلمة مسجلة، أوضح عضو مجلس أمناء المنظمة السورية للأشخاص ذوي الإعاقة (آمال) البروفيسور ديفيد ماكفرسون أن البرنامج هو استثمار في الأفراد يقوي المجتمع ويوفر حياة أفضل، ويولّد الفرصة للأطفال ليكونوا أفراداً مستقلين ومنتجين، مبيناً أنه وحسب منظمة الصحة العالمية فإن حوالي 466 مليون شخص يعانون فقدان السمع، وبحلول عام 2050 سيكون هذا الرقم أكثر من 900 مليون، أي ضعف ما هو عليه اليوم.

مديرة الرعاية الصحية الأولية في وزارة الصحة الدكتورة رزان الطرابيشي، قدمت عرضاً حول البرنامج الذي يقدم لأكثر من 500 ألف طفل وطفلة سنوياً في مختلف المحافظات، ويهدف إلى إجراء المسح لجميع حديثي الولادة قبل بلوغ شهرهم الأول من العمر، وتشخيص نقص السمع في حال وجوده قبل عمر ثلاثة أشهر، وبالتالي إتاحة الفرصة للتدخل المبكر والصحيح قبل عمر ستة أشهر.

وبينت الدكتورة الطرابيشي أن العمل يمر بعدة مراحل، تبدأ بمرحلة الكشف في مراكز المسح، ومن ثم إجراء الاختبار الذي يقود إلى التشخيص السمعي، وبعد ذلك تأتي مرحلة التدخل التي يتم فيها تركيب الأجهزة السمعية أو عمليات زرع الحلزون، ومن ثم التأهيل والتدريب والمتابعة وفق ثلاثة بروتوكولات، الأول من خلال جهاز البث الصوتي أو من خلال تخطيط جذع الدماغ، والثاني التقييم السمعي بإجراءاته الأربعة، والثالث والأحدث فهو التدخل والتأهيل.

فيما تحدث رئيس قسم الأذنية في مشفى تشرين العسكري الدكتور عبد الرحمن العوض عن مرحلة التدخل المبكر، مبيناً أنه بعد خضوع الطفل للمسح السمعي البسيط والسهل والآمن والسريع يمكن التدخل بالمعينات السمعية التي يمكن أن تناسب الطفل لتعديل أدائه السمعي، ويجب أن يتم ذلك بعناية فائقة حسب الحاجة والوقت الذي تستخدم بها، في حال استخدام السماعة أو عملية زرع الحلزون.

وأوضح الدكتور العوض أن البرنامج يخفف من الاستخدام العشوائي للسماعات لكونها لا تقتصر على تضخيم الصوت، فهي حالياً تستطيع أن تدمج أو تلغي الأصوات وتعدل بها، ويجب التعامل معها من قبل محترفين يستطيعون متابعة التطورات العلمية في هذا المجال، إضافة إلى عمليات زراعة الحلزون التي أصبح لها مرشدات علاجية ومعايير وبروتوكولات معتمدة.

وعن دور منظمة آمال في عملية التأهيل، بينت المدير التنفيذي للمنظمة رنا المنجد أنه يتم تأهيل الطفل حسب قدراته واحتياجاته وزمن الكشف والتدخل، فكلما كان باكراً كان أسهل ويحتاج مدة زمنية أقل، لافتة إلى أن التأهيل يتم من خلال مساعدة المريض ليصبح مستقلاً، وتمكينه من الاندماج بالمجتمع للوصول إلى أطفال قادرين على التعلم وتطوير المهارات العاطفية والاجتماعية وتطوير القراءة والكتابة والتواصل اللفظي.

وفيما يخص مراحل عملية التأهيل، أشارت المنجد إلى أنه يتم منذ اللحظة الأولى اكتشاف نقص السمع من خلال التخفيز الحسي لتجهيز الجملة العصبية، ومن ثم إجراءات التقييم الشامل للطفل والخطة العلاجية لتقديم الخدمات والعمل المشترك مع فريق التأهيل.

حضر الإطلاق عدد من الوزراء والسفراء المعتمدين في دمشق والمستشارة الخاصة في رئاسة الجمهورية لونا الشبل، إضافة إلى بعض معاوني الوزراء والمديرين المعنيين ومديري المؤسسات الإعلامية.