يد القتل الإسرائيلية لا تتوقف، فمع تورطها في حرب إبادة ضد الشعب الفلسطيني في قطاع غزة وفشلها في الوقت ذاته بتحقيق أي من الأهداف التي أعلنتها الطبقة السياسية في “تل أبيب”، تواصل تلك اليد الإجرامية التسلل لإراقة دماء شعوب المنطقة من دمشق إلى بيروت وكرمان الإيرانية.
لا يحتاج المتابع للكثير من البحث أو التمحيص لمعرفة اليد الآثمة التي امتدت لترتكب مجزرة بحق المشاركين في مراسم إحياء الذكرى الرابعة لاستشهاد اللواء قاسم سليماني قائد لواء القدس في مدينة كرمان الإيرانية الذي اغتالته واشنطن بعد خروجه من مطار بغداد فجر الثالث من كانون الثاني 2020.
فبصمات اليد الصهيونية واضحة جداً في الجريمة الإرهابية التي أزهقت أرواح أكثر من 100 شخص وأصابت نحو 200 آخرين في تفجيرين استهدفا الحشود الإيرانية المجتمعة لإحياء الذكرى الرابعة لاستشهاد سليماني، وإن كانت تلك الساحة بعيدة آلاف الأميال عن فلسطين المحتلة.
وهي بالتأكيد نفس اليد التي اغتالت القيادي في حركة حماس صالح العاروري في الضاحية الجنوبية من بيروت في الثاني من الشهر الجاري، وقبله الشهيد رضي موسوي المستشار العسكري الإيراني في دمشق قبل أسبوع.
فرغم تكتم “تل أبيب” وطلبها من المسؤولين والإعلام الإسرائيلي عدم الحديث عن الاغتيالات والتفجيرات التي ينفذها جهاز الموساد الإسرائيلي في العالم، تحدثت الصحافة الغربية والأمريكية عن مسؤولية “إسرائيل” عن تلك الاغتيالات والتفجيرات الإرهابية التي تطال الدول التي تعادي الكيان المحتل وتدعم قوى المقاومة.
يريد كيان الاحتلال من هذه الاغتيالات والجرائم تحقيق عدة أهداف، منها التغطية على فشله الفاضح في تحقيق أي تقدم عسكري ضمن لائحة الأهداف التي وضعها لعدوانه في غزة رغم حجم الدمار الهائل الذي أحدثه القصف وسياسة الأرض المحروقة ضد القطاع وسكانه من نساء وأطفال، ولم يستطع أن يحقق أي من تلك الأهداف سواء ما يتعلق بالقضاء على حماس وتحرير أسراه أم وقف إطلاق الصواريخ وتفكيك البنية العسكرية للمقاومة في القطاع.
ومن الأهداف أيضاً حسب ما يتوهم العدو، إضعاف حركات المق**اومة في المنطقة وزعزعة التنسيق فيما بينها من خلال اغتيال قادتها، لكن المقاومة تزداد قوة وتماسكاً وتنسيقاً في وجه العدو، وهي تثبت يوماً بعد يوم أنها قادرة على إنجاب القادة منذ اغتيال الشيخ أحمد ياسين وغيره الذين أثبتت المعارك أنه مع كل شهيد قائد يولد عشرات المقاومين القادة القادرين على إكمال الطريق وحمل الراية.
إن هذه الجرائم لابد ستنقلب على الكيان المحتل الذي بدأت منظومته السياسية والعسكرية بالتفكك والانهيار رغم محاولته إظهار جبروته وقوته العسكرية، وقد أكدت جبهة المقاومة أن هذه الجرائم لن تبق دون رد أبداً.
فقد أكدت طهران على لسان كبار مسؤوليها أن جريمة اغتيال الموسوي في دمشق ومرتكبي مجزرة الحشود المشاركة في مراسم إحياء الذكرى الرابعة لاغتيال سليماني في مدينة كرمان لن تكون إلا دافعاً لتعزيز جبهة المقاومة وتعزيز قدراتها على رد العدوان، وإن جرائم الاحتلال لن تبق دون رد، وسيكون الرد مؤلماً للكيان الغاصب.
وأكد قائد الثورة الإسلامية الإيرانية السيد على خامنئي أن الفاجعة التي حصلت في كرمان سيعقبها رد حاسم وسيكون المجرمين الفاعلين هدفاً حتمياً للعقاب العادل.
وفي بيروت أكد الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصر الله أن جريمة اغتيال العاروري في الضاحية الجنوبية “هي جريمة خطيرة لن تبق دون رد وعقاب وأن الميدان والأيام بيننا وبينكم” متوجها بحديثه للإسرائيليين.
لقد اعتاد كيان الاحتلال الإسرائيلي على ارتكاب جرائم اغتيال بحق قيادات المقاومة الفلسطينية واللبنانية مستغلاً شبكات تجسس واسعة ودعم استخباراتي وتقني وسياسي منقطع النظير من الولايات المتحدة الأمريكية، وسط غياب كامل لدور مجلس الأمن ومنظمة الأمم المتحدة التي ترى بنصف عين وتسمع بنصف أذن.
لكن هذه الاغتيالات لم تحقق أي من أهداف العدو الإسرائيلي، فالمقاومة في لبنان وفلسطين لم تضعف، بل ازدادت قوة وجرأة وقدرة على إنتاج سلاحها وتطويره واستخدامه بحرفية عالية ضد العدو، وتحقيق انجازات عسكرية يتحدث عنها الإعلام المعادي والغربي.
إننا اليوم نعيش زمن المقاومة، زمن النصر والسيادة والكرامة التي بدأت منذ تحقيق النصر عام 2000 ودحر جيش الاحتلال الإسرائيلي من جنوب لبنان وصولاً إلى الخروج الإسرائيلي من قطاع غزة مهزوماً عام 2005، وبعدها جولات القتال العديدة وصولاً إلى طوفان الأقصى الذي مزّق إرادة جيش الاحتلال ومرّغها بالتراب في السابع من تشرين الأول الماضي.
قرار الرد والانتقام صدر من قبل قوى المقاومة، وهو بدأ من غزة وصولاً إلى اليمن وإيران والعراق وسورية ولبنان، فجبهة المقاومة اليوم ورغم كل الهيمنة الأمريكية الغربية، يدها على الزناد وهي الأقوى والأقدر من أي وقت مضى.
من كرمان إلى دمشق وبيروت، القاتل واحد والرد سيكون واحداً من أي ساحة أتى، وعلى “تل أبيب” أن “تنتظر عداً تنازلياً صعباً” كما قال وزير الخارجية الإيراني حسين أمير عبد اللهيان رداً على اغتيال المستشار رضي موسوي في دمشق، و”بيننا وبينكم الميدان والأيام” كما قال السيد حسن نصر الله تعقيباً على اغتيال العاروري في الضاحية الجنوبية من بيروت.
عبد الرحيم أحمد – كليك نيوز